الشباب "الهرموني" في تكاثر - لا كثرهم الله - وأهم صفاتهم: الخواء الروحي، وغياب الثبات على المبادئ العليا، والالتزام بالقضايا الكبرى، والانشغال اليومي بتلبية حاجات الجسد الآنية.
إن كنت منهم فأدرك نفسك قبل أن تتحول إلى بهيمة في صورة إنسان!
نشترك - معشرَ المغاربة - مع الشعب الجزائري في كل شيء: في الدين واللغة والمذهب الفقهي والثقافة والحضارة والتاريخ وغير ذلك.
فالعداوة المصطنعة اليوم بين الشعبين: حمق وبلادة، تذكيها نخبة إعلامية فاسدة تريد تأجيج العداوة بين الأصدقاء، لتسلم لها الصداقة بين الأعداء!
"يسمونها بغير اسمها، فيستحلونها"
تحريف معاني المصطلحات: أنجع طريقة يسلكها المبدلون ليقبل الناس ارتكاب الممنوع بعد أن سمي بغير اسمه!
والعبرة بالمعاني لا بالألفاظ..
(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله)
ولا يكتمل انتفاع المسلمين بهذه البركة الدينية والدنيوية، التي جعلها الله في الأقصى وما حوله، إلا بتطهيره من المدنسين الغاصبين!
عجبت لمن إذا ذكرت صراعات السلفيةوالأشعريةوالصوفيةوالمذهبية والفروع الفقهية،أحدّ شفرة الخصام،وقطّع أعراض الخصوم،كأنه يجاهد الصليبيين،في يوم حطين!
فإذا جرى ذكر قضية الأمة الكبرى، التي يجب اجتماع المسلمين على قول واحدفيها،سكت وتجاهل،وأغضى وتغافل،فكأن الكلب المغتصب ما أكل له عجينا!
الباقون على الفطرة الدينية النقية من عوام المسلمين، خير من كثير من الذين تشبعوا بكلام المقاصد والمصالح دون تأطير فقهي تراثي سليم، حتى صادموا بها قطعيات الدين، وتحللوا بها من الالتزام بكبريات قضايا المسلمين!
لا يجوز التفريط في المسجد الأقصى، فهو:
أول قبلة للمسلمين، وثاني مسجد وضع بالأرض، وأحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها، ومسرى خاتم المرسلين..
وسر هذه الشبهة: الغفلة العظيمة عن معنى "الأمة الواحدة" الذي تطفح به نصوص القرآن والسنة، والانغلاق العصري في معاني الوطنية الضيقة كما خاطها لنا المستعمر، وألبسنا إياها أذنابه.
⚡والثاني: لو تنزلنا ففرضنا جدلا أن الفلسطينيين جميعهم - وحاشاهم - خانوا القضية، فإن ذلك لا يغير في الحكم شيئا، لأن القضية شرعية عقدية، غير مرتبطة بشخص أو جيل أو شعب، بل من واجب المسلمين جميعهم في كل مكان أن يقوموا فيها بالقسط، وينصروا فيها الحق.
تسويغ بعضهم التطبيعَ بقولهم "الفلسطينيون أول من خان القضية"، باطل من وجهين:
⚡أولهما: أن هذا القول غير صحيح في الواقع، فأغلب الفلسطينيين ما خانوا ولا بدلوا، وما يزال فيهم من يسوء المجرمين، ويراغم الظالمين. وإنما خانت شرذمة متحكمة، لا يعتد بها الصديق ولا بحفل بها العدو!
تعليقات عوام المسلمين التي تدل على غياب وعيهم بالقضية الفلسطينية، أخطر وأشد على نفسي من عشرات القرارات السياسية، لأن السياسة متقلبة دوارة، أما الوعي فإذا تجذر فيه الانحراف صعب اجتثاثه!
فلسطين أرض إسلامية محتلة، لا أرى في جيلنا للأسف ما يبشر بأنه سيحررها من الاحتلال الظالم!
ولكننا لن نحرف المبادئ التي ستنشأ عليها الأجيال اللاحقة، ولن نتوانى في تسليم مشعل القضية إليهم، لعل الله يكرمهم بما حرمنا منه لهواننا وتقصيرنا.