1692 - " إن لله أقواما يختّصهم بالنعم لمنافع العباد ، ويقرّهم فيها ما بذلوها ، فإذا منعوها نزعها منهم ، فحوّلها إلى غيرهم " .
هذا حديث منكر ؛ يرويه بعض المجاهيل عن الأوزاعي وليس هو من حديثه لأنّ الثّقات من أصحاب الأوزاعي لا يروونه عنه أصلا ، وكذا تفنّن المتروكون في روايته عن ابن جريج وركّبوا له أسانيد عدّة .
ولذا قال ابن عدي : "يُروى من وجوهٍ كلُّها غير محفوظة".
وقال العقيلي : "وقد روى في هذا الباب أحاديث ليس منها شيء يثبت" !
وقال البيهقي :" وهذا كلام مشهور عن الفضيل بن عياض " !!
وينقل ذلك عنهم المؤلّف نفسه لكنّ غروره يمنعه من الرّضا بما قالوا فيقع في التّكلّف ويغترّ ببعض الطّرق الخالية من الكذّابين في ظاهرها للحدبث ويخطئ في قراءة بعضها أصلا فيقول :
[ أخرجه ابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " ( رقم 5 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 5295 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 115 و 10 / 215 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 9 / 459 ) عن محمد بن حسان السمتي حدثنا عبد الله بن زيد الحمصي حدثنا الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة عن ابن عمر مرفوعا به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف محمد بن حسان السمتي صدوق لين الحديث كما قال الحافظ .
وعبد الله بن زيد الحمصي ، قال الأزدي ضعيف .
قلت : لكنه قد توبع كما يأتي .
والحديث قال الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 192 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " و فيه محمد بن حسان السمتي ، وثقه ابن معين و غيره و فيه لين ، و لكن شيخه أبو عثمان عبد الله بن زيد الحمصي ضعفه الأزدي " .
قلت : تابعه معاوية بن يحيى الشامي أبو عثمان : حدثنا الأوزاعي به .
أخرجه يحيى بن منده في " أحاديثه " ( ق 91 / 1 ) وتمام في " الفوائد " ( 27 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 276 ) و ابن عساكر في " التاريخ " ( 16 / 395 / 1 ) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( 15 / 1 ) .
أورده ابن عساكر في ترجمة أبي عثمان الشامي هذا وروى عن أبي أحمد - و هو ابن عدي - أنه قال : " منكر الحديث " ] .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قلتُ : بل هو أبو أحمد الحاكم الذي قال : منكر الحديث ، وليس ابن عدي ، والراوي عنه هذا القول هو ابن منجويه ، وهو قول صحيح جدّا ؛ فإنّ معاوية هذا يروي عن الأوزاعي المنكرات الأوابد ؛
من ذلك ما :
1 ـ عند ابن عساكر 59/295 عن معاوية بن يحيى الدمشقي نا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن حسان بن عطية عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أعان مسلما بكلمة أو مشى معه خطوة حشره الله يوم القيامة وأعطاه أجر سبعين شهيدا قتلوا في سبيل الله.
2 ـ وعنده أيضًا عن معاوية بن يحيى نا الأوزاعي عن حسان عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الحرام في البنيان فإنه أساس الخراب .
3 ـ وفي "الضعيفة" للألباني نفسه 3344 عن أبي نعيم في "الحلية" من طريق أبي غسان مالك بن يحيى السوسي: حدثنا معاوية بن يحيى أبو عثمان الشامي عن الأوزاعي عن بلال عن عبد الله بن عمر مرفوعاً : أول ما افترض الله على أمتي الصلوات الخمس، وأول ما يرفع من أعمالهم الصلوات الخمس، وأول ما يسألون عنه الصلوات الخمس.
وهذه كلّها أباطيل ليست من حديث الأوزاعي ..
4 ـ ومثلها حديث التّرجمة فإنّه منكر لا يرويه أحد عن الأوزاعي غير أبي عثمان هذا ، وقد ذكر أبو نعيم في "الحلية" (6/ 116) بعد تخريجه من الطّريق الأوّل أي عن محمَّد بن حسان، قال: ثنا عبد الله أبو عثمان الحمصي، عن الأوزاعي به ، قال أبو نعيم : " أبو عثمان: هو عبد الله بن زيد الكلبي تَفَرَّدَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، ورواه أحمد بنُ يونس الضبي عن أبي عثمان، وسمَّاه : معاوية بنَ يحيى" اهـ.
قلتُ : وممّا يؤيّد أنّه هو نفسه أنّ في الرّواية الّتي سمّته معاوية بن يحيى أنّه قال : فحدّثتُ بهذا الحديثِ يزيدَ بن هارونَ، فقال: لو ذهبَ إنسانٌ في هذا الحديث إلى خُراسانَ لكان قليلًا.
وفي طريق محمد بن حسان السّمتي أنّه قال: كنا عند أبي خالد يزيد بن هارون فجاء عبد الله بن زيد فسأله يزيد عن هذه الحديثين.
ففي هاتين الروايتين أنّ يزيد بن هارون سأل راوي هذا الحديث عنه فحدّثه به ، ومن ثمّ صار احتمال كونهما اثنين = في غاية البعد !
ثمّ هما حتّى لو كانا اثنين فعلا ؛ فليسا من الرّواة المعروفين عن الأوزاعي ، وابن زيد أيضًا ضعيف كما قال الأزدي ؛ وممّا يدلّ على ذلك ما :
1 ـ عند الخطيب في "تاريخه"11/130 من طريق عبد الله بن زيد، حدثنا الأَوزَاعي، عن حَسَّان بن عَطية، عن ابن عُمَر، قال: قال رَسُولُ الله صَلى الله عَليه وسَلم، بِأَبي هُوَ وَأُمّي: لَن تَهلِكَ الأُمَّةُ وَإِن كَانَت ضَالَّةً، إِذَا كَانَتِ الأَئِمَّةُ هَاديَةً مَهديَّةً، وَلَن تَهلِكَ الأُمَّةُ إِذَا كَانَت ضَالَّةً مُسيئَةً، إِذَا كَانَتِ الأَئِمَّةُ هَاديَةً مَهديَّةً.
وهذا ذكره المؤلّف نفسه في "الضّعيفة" 514 ؛ وقال : [ ضعيف؛ رواه أبو نعيم في " فضيلة العادلين ") من طريق محمد بن حسان السمتي: حدثنا أبو عثمان عبد الله بن زيد: حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن ابن عمر مرفوعا.
وهذا إسناد ضعيف، السمتي هذا وثقه الأكثرون، وضعفه بعضهم، وقال الدارقطني: " ثقة يحدث عن الضعفاء ". قلت: فعلى هذا فشيخه في هذا الحديث عبد الله بن زيد ضعيف، وقد صرح بتضعيفه الأزدي كما في " الميزان " و" اللسان ".
قلت: وترجمه الخطيب في " تاريخ بغداد " (9 / 459) ، وساق له حديثين، هذا أحدهما، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. فهو مجهول عندي إن لم يكن ضعيفا ] .
بل إنّ المؤلّف قد ذكر في "الضعيفة" 2628 هذا الحديث نفسه من هذا الوجه ؛ وقال : [ أخرجه ابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " (رقم 5) ، وأبو نعيم في " الحلية " (6/115 و 110/215) وقال: " أبو عثمان هو عبد الله بن زيد الكلبي، تفرد عن الأوزاعي بهذا الحديث. ورواه أحمد بن يونس الضبي عن أبي عثمان، وسماه معاوية بن يحيى ".
ثم ساقه (6/116) بإسناده عنه: حدثنا معاوية بن يحيى أبو عثمان: حدثنا الأوزاعي مثله.
ومعاوية بن يحيى أبو عثمان؛ غير معروف في الرواة، ولعل تسميته بمعاوية بن يحيى خطأ من بعض الرواة، وإنما هو عبد الله بن زيد كما في الطريق التي قبلها؛ وهو حمصي؛ قال الأزدي:
" ضعيف ".
والراوي عنه محمد بن حسان السمتي؛ أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال الدارقطني: ليس بالقوي " ] .
قال هنا :
[ وقال أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " ( 257 / 1 ) : حدثنا محمد بن عبد الله الفقيه حدثنا الدقيقي أبو محمد عبد الله بن يزيد عن الأوزاعي به .
قلت : وأبو محمد عبد الله بن يزيد لم أعرفه ، و في الرواة عن الأوزاعي عبد الله بن يزيد بن راشد القرشي الدمشقي المقري أبو بكر و هو ثقة ، مات سنة ( 218) روى عنه أبو زرعة و غيره ترجمه ابن أبي حاتم ] .
ـــــــــــــــــــــــــــ
قلتُ : بل هو عبد اللَّه بن يزيد بْنِ مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، أَبُو مُحَمَّدٍ الدقيقي : ترجمه الخطيب 11/450 وقال : كان ثقة .
لكنّه متأخّر عن زمن الأوزاعي ولهذا قال المؤلّف نفسه :
[ لكن يبدو أن في السند سقطا فإن هذا كنيته أبو بكر ، و الراوي للحديث كنيته أبو محمد الدقيقي ، فلعل الساقط بين أبي محمد وعبد الله بن يزيد . والله أعلم ].
قلتُ : سقط من إسناده رواة الطريق الأوّل فعاد إليه ففي طبعة (دار السّلام) من كتاب الكلاباذي : 843 - وحدثنا محمد بن عبد الله الفقيه، حدثنا الدقيقي أبو محمد عبد الله بن يزيد، حدثنا محمد بن زيد بن سعيد، حدثنا محمد بن حسان يعني السَّمْتِيَّ، حدثنا عبد الله بن يزيد أبو عثمان الحمصي ...
ومع هذا فالمؤلّف لا يستحي من قوله هنا :
[ وعلى كل حال فالحديث عندي حسن بمجموع هذا المتابعات ، و قد قال المنذري في " الترغيب " ( 3 / 250 ) : " رواه ابن أبي الدنيا و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " ، و لو قيل بتحسين إسناده لكان ممكنا " .
قلت : يعني من الطريق الأولى ، فكيف لا يكون حسنا بالطريقين الآخرين ؟ ]
ــــــــــــــــــــــــــــــ
قلتُ : قد تقدّم أنّه يتخيّل هذه الطّرق فقط وإلّا فهو راو واحد منكر الحديث يروي هذا عن الأوزاعي ، وقصاراه أن يكون قد توبع من راو ضعيف مجهول ، والمنكر لا ينجبر لأنّه في ذاته = منكر ، ولكنّ المؤلّف لا يفهم !
قال :
[ لا سيما وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ : " ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فأسبغها عليه ، ثم جعل من حوائج الناس إليه فتبرم ، فقد عرض تلك النعمة للزوال " .
قال المنذري و تبعه الهيثمي : " رواه الطبراني في " الأوسط " و إسناده جيد " . كذا قالا ، و فيه نظر فإنه في " الأوسط " ( 7679 / 2 ) من طريق إبراهيم بن محمد السامي حدثنا الوليد بن مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس . وقال : " تفرد به إبراهيم بن محمد السامي " .
قلت : الوليد و ابن جريج مدلسان . والسامي بالمهلمة و ابن محمد بن عرعرة ثقة حافظ ، و من طريقه رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 175 ) ] .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت : وهذا الشّاهد المزعوم قاصر فإنّه بلفظ : «مَا مِنْ عَبْدٍ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً فَأَسْبَغَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ شَيْئًا مِنْ حَوَائِجِ النَّاسِ إِلَيْهِ فَتَبَرَّمَ، فَقَدْ عَرَّضَ تِلْكَ النِّعْمَةَ للزَّوَالِ» .
ثمّ هو منكر جدا عن ابن جريج لا يرويه عنه أحد من أصحابه المعروفين بالنّقل والحفظ ، وتمام كلام الطّبرانيّ : لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِلَّا الْوَلِيدُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ السُّدِّيُّ، تَفَرَّدَ بِهِ عَنِ الْوَلِيدِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّامِيُّ.
قلتُ : فهو الشامي وليس السّامي ، والسّامي لا يُعرف له رواية عن الوليد بن مسلم ، والسّدّي متروك ، والشّامي هذا مجهول ذكر أبو نعيم في "أخبار أصبهان" هذا الحديث في ترجمته ، ولكنّ المؤلّف حاطب ليل !
قال أبو نعيم : 318 ـ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَا تُعْرَفُ فِي نَسَبِهِ زِيَادَةٌ ؛ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبُو أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَبِيبٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، كَتَبْنَا عَنْهُ مَعَ أَبِي مَسْعُودٍ , ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ به ..
ثمّ قال بعد صفحات قليلة : 330 ـ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَرْوِي عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، كَتَبَ عَنْهُ أَبُو مَسْعُودٍ , وَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَبِيبٍ , ذَكَرَهُ الْغَزَّالُ , وَذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ شَيْئًا , وَقِيلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ .
قلتُ : وفي "ضعفاء العقيلي" 62 - إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، شَامِيُّ، مَجْهُولٌ، وَقَعَ إِلَى أَصْبِهَانَ، حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ ؛ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَبِيبٍ الْعَسَّالُ , قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ - كَتَبْنَاهُ عَنْهُ - مَعَ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَعْزِيرَ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ».
ثمّ ذكر المؤلّف مخالفة للشامي في إسناده = جعلها شاهدًا ؛ فالعجب منه كلّ العجب والله !!
قال :
[ وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به . أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 80 ) من طريق أحمد بن يحيى المصيصي حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن ابن جريج عن عطاء عنه .
وهذا إسناد ضعيف ، فإنه مع عنعنة الوليد وابن جريج فيه المصيصي هذا ، قال ابن طاهر : "روى عن الوليد بن مسلم مناكير" .
قلت : و كأنه يعني ، وهو منكر إسنادا لا متنا للطرق المتقدمة . والله أعلم ] .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قلتُ : فالمصيصي هنا يخالف الشامي في إسناده فيجعله عن أبي هريرة بدل ابن عبّاس ، والمصيصي يروي عن الوليد بن مسلم مناكير كما نقله المؤلّف نفسه ؛ وذلك نفسه صنيع الشامي كما تقدّم !
قلتُ : والظاهر أنّ أصل هذا هو ما رواه أبو عثمان عن الأوزاعي كما في الإسناد الأوّل ، جعله بعضهم عن الوليد عن الأوزاعي إمّا بهذا الإسناد أو بالإسناد الأوّل كما عند المؤلّف نفسه في "الضّعيفة" 2627 - ( إن لله أقواما اختصهم بالنعم لمنافع العباد يقرها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها عنهم وحولها إلى غيرهم ) .
قال : [ ضعيف ؛ أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/450) عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن نصر اللباد: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثني الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة (زاد في رواية: عن نافع) عن ابن عمر مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي الحسن اللباد هذا فلم أعرفه، إلا أن الوليد بن مسلم مدلس تدليس التسوية وقد عنعنه... ] .
قلتُ : وهذا منكر عن أحمد ، ولو كان حقّا لرواه في "المسند" لنظافة الإسناد فوقه أو لرواه عنه بعض أولاده أو أصحابه !
وقد أتى به بعضهم عن ابن جريج من وجه آخر واه :
أخرجه العقيلي (2/ 340) - ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية " (857) - من طريق بشر بن عبيد الدارسي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عطية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : أيما عبد أنعم الله عليه بنعمة فأسبغها ثم جعل اليه شيئا من حوائج الناس فتبرم منها كان قد عرض تلك النعمة للزوال.
قلتُ : بشر الدّارسي ؛ قال ابن عدي: منكر الحديث، بيِّنُ الضعفِ جدًّا.
وكذّبه الأزدي. كما في "اللسان" 2/ 26 .
وشيخه ابن عطية ؛ قال العقيلي : " مجهول بنقل الحديث، لا يُتابع على هذا.. وفي هذا الباب أحاديث متقاربةٌ في الضعف، ليس منها شيءٌ يثبت ".
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصحُّ، فإن عبد الرحمن بن عبد الله مجهولٌ.
وقد رواه أحمد بن محمد بن عبد الله الوقّاصي عن ابن جريج، وهو مجهولٌ أيضًا".
ثمّ نقل قول العقيلي : وقد روى في هذا الباب احاديث ليس منها شيء يثبت !
وجاء عن ابن جريج على لون آخر :
أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (89) قال: حدثنا علي بن حرب الطائي، حدثنا حلبس بن محمد، حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً: "ما أنعم الله على عبد نعمة، إلا كثرت مؤنة الناس عليه، فإن لم يتحمل مؤنهم، عرض تلك النعمة لزوالها " .
قال العراقي في "تخريج الإحياء" (3/ 245) : إسناده منقطع، وحلبس بن محمد أحد المتروكين .
وجعله بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة :
أخرجه ابن أبي الدُّنيا في "قضاء الحوائجِ" (48) من طريق سعيد بن أبي سعيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: "ما عظمت نعمة الله على عبد إلَّا اشتدّت عليه مؤنة الناس، فمن لم يحتمل تلك المؤنة للناس فقد عرَّض تلك النعمة للزوال".
وهذا أعلّه المؤلّف نفسه في "الضّعيفة" 2292 بـ [ سعيد بن أبي سعيد الزبيدي، قال الذهبي في " الميزان ": " لا يعرف، وأحاديثه ساقطة " ] .
قلتُ : وجعله بعضهم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ :
أخرجه ابن حبّان في "المجروحين" (1/ 142 - 143) وابن عدي في "الكامل" (1/ 178) والقضاعي في "مسند الشهاب" (798، 799) والخطيب في "التاريخ" (5/ 181 - 182) من طريق أحمد بن معدان عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عنه مرفوعًا بمثل حديث عائشة.
وأخرجه ابن الجوزي في "العلل امتناهية" (856) من طريقي ابن عدي الخطيب وقال : "لا يصح؛ قال ابن حبّان: أحمد بن مَعْدان متروك يروي الأوابد، ولم يروِ هذا عن ثور إلَّا هو وابن عُلاثة وهما واهيان. وقال الدارقطني: هو حديثٌ ضعيفٌ غير ثابتٍ".
وابن معدان قال أبو حاتم: مجهول، والحديث الذي رواه باطلٌ. وقال ابن عدي: ليس بالمعروف. وتركه الدارقطني. كما في "اللسان" 1/ 312.
وقال المؤلّف نفسه في "الضّعيفة" 2291 : [ وهذا إسناد ضعيف جدا، أحمد بن معدان العبدي؛ قال الدارقطني: " متروك ". وقال ابن عدي: " لا يعرف، وهذا الحديث يروى من وجوه، وكلها غير محفوظة ".
وتابعه عمروبن الحصين الكلابي: حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة عن ثور بن يزيد به
أخرجه البيهقي في " الشعب " (7664) ، وقال: " وهذا كلام مشهور عن الفضيل بن عياض ".
وابن علاثة فيه ضعف، لكن عمروبن الحصين متروك متهم كما تقدم مرارا.
وقال البيهقي في كل من الطريقين: " إسناد ضعيف ".] .
قلتُ : رواية ابن عُلاثة : أخرجها ابم حبّان أيضًا في "المجروحين" (2/ 280) من طريق عمرو بن الحُصين العقيلي عن محمد بن عبد الله بن عُلاثة عن ثور عن خالد عن مالك بن يخامر عن معاذ مرفوعًا.
وهذا آفته ابن الحصين فإنّه متروك وكذّبه الخطيب ، وشيه ابن علاثة ضعيف ، وقد رواه بعضهم من طريق عمرو بن الحصين عن ابن عُلاثة عن عَبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "إنّ لله عند أقوامٍ نِعمًا يقرُّها عندهم ما كانوا في حوائج الناس ما لم يملّوهم، فإذا ملّوهم نقلها إلى غيرهم".
أخرجه الطبراني في "الأوسط" 8350 : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا، نا عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ به .
وموسى بن زكريا تركه الدّارقطنيّ وقال الخليلي: حافظ لكنه ضعيف متكلم فيه ، واتهمه أبو يحيى الساجي بالوضع.
ولذا فهذا الحديث هو كما قال ابن عدي : "يُروى من وجوهٍ كلُّها غير محفوظة".
وقال العقيلي : "وقد روى في هذا الباب أحاديث ليس منها شيء يثبت" .
وقال البيهقي في " الشعب " (7664) " وهذا كلام مشهور عن الفضيل بن عياض ".