سؤال يؤرقني كتاب د.براون ترجمتك عن الرق هل الصورة المذكورة لفحص الرقيق الاناث في اسواق الرقيق شرعية ام خطا في التطبيق ؟ الم يكن هناك اي نوع انكار اجتماعي لو على الاقل من طرف من تتعرض لهذه الطريقة من اللمس ؟ طيب لو كانت امة مسلمة هل تستمر معاملتها على هذا النحو ام يكون لعرضها حرمة و تُحمى من ذلك؟
عندي أنها خطأ في التطبيق. وليس لدينا تحديد دقيق لمدى شيوع هذه الممارسة، فقط إشارات في الكتب وعامتها من القرن الخامس فنازلا. والكلام عن ظاهرة السوق. أما ما يتعلق بمسألة الجس واللمس للأمة المستامة فليس هذا متفقا عليه، وهو يرجع إلى تكييف الفعل، وغلبة الآدمي أو السلعة، وقد كان يفعله ابن عمر لأنها في حكم السلعة والغرض منها الاستمتاع فيكون هذا من استيفائها وطلب السلامة من العيب، وقد خولف في ذلك وأخذ به بعض الفقهاء كالحنفية وكالحنابلة وإن خصه بعضهم بمن أمن الشهوة، ولا معنى له، وقيل بل بالنظر فقط لا اللمس والرواية عن ابن عمر مصرحة بخلافه، وعن أحمد المنع أيضا، وهو مذهب الشافعية وقد كره ذلك مالك ولم ير العمل بما روي عن ابن عمر رغم ميله للأخذ بأقواله واقتصر على النظر من غير تلذذ وقال فليسأل البائع عنا يريد وله الخيار، والحاصل أن من يبيح إما يغلب أنها مال، أو يبني على أن ما حل النظر إليه أبيح لمسه للحاجة وعورة الأمة غير الحرة والحاجة لمسها لاستيفاء السلعة. وعندي أن هذا الباب كله فيه كثير من الاختلاط بين الشرع والتاريخ ودخله كثير من الاجتهاد وكثير من الهوى والخطأ، وليس في أصل الشرع المبيح للرق هذا الاستطراد في تغليب المالية إلى حد مخالفة الوجدان، كما أن الطبيعة التاريخية للإماء في الصدر الأول أنهن كن مبتذلات غير مرغوب فيهن كالحرائر، وكن يستعملن في الخدمة غالبا، ولذا خفف في أحكام لباسهن وكان عمر يضربهن على التشبه بالحرائر، وذلك فضلا عن التوسع الهائل في مصدر الرق والذي كان غالبه يرجع للإغارة والسلب ولذا اختلف الفقهاء كثيرا في الإماء في خذه العصور كما حدث في الخلاف المشهور بين النووي والفركاح وكتبا فيها رسائل وترادا، وعلى كل حال فهذا الوضع للإماء قد اختلف بعد، وكان ابن تيمية واعيا بهذا البعد التاريخي في فتواه بمعاملة الإماء التركيات في عصره معاملة الحرائر في أحكام النظر واللباس، رغم أثريته، لكن هذا من تمام فقهه ووعيه بمقاصد الإسلام، وعلى كل حال فهذا البحث كله بحاجة إلى اجتهاد وتحرير تام لتخليص هذا كله بعضه من بعض، ولذلك ترجمت هذا الكتاب، والله أعلم
منذ عام و 6 شهور